العلاج النفسي عند الأمام علي {عليه السلام }
ويكمن علاج الإمام علي لهذا المرض من خلال مواجهة المريض مباشرة وتبصيره بالعيوب التي تكشفه دون أن يعيها قائلا (إن أحببت سلامة نفسك وستر معايبك فأقلل كلامك وأكثر صمتك)... وهذه طريقة إرشادية تحليلية وقد يشخص عيوب الشخصية الإنسانية من خلال الكلام لأن[المرء مخبوء تحت لسانه كما يقول الحديث الشريف ] وأن فضول الكلام كما يقول الإمام [يظهر ما بطن من العيوب ويحرك الساكن من الأعداء]...
وثمة علاج عملي يطرحه الإمام علي لمفهوم اللاوعي فهو يقول [وتدارك مزاج تخيلك بمكاثرة أهل الحكمة فإن مفاوضتهم تريح الرأي المكدود وترد ضالة الصواب المفقود]
( [1]) وهو أسلوب لتربية النفس وتهذيبها والتحكم بالأسباب المؤدية للاوعي ،.وفي كل الأحوال فإن هذه المعالجة تجمع بين التحليل النفسي للفرد بفراسة عالية وبرهان كما ويضاف لها الأسلوب الإرشادي ،أما العلاج السلوكي فالإمام يحاول فيه إزالة الأسباب المؤدية إلى المرض النفسي فالخوف مثلا حالة إرهاب للإنسان لذا فهو يعالج الخوف من خلال الوقوع فيه بقوله [إذا خفت شيئا فقع فيه ،فإن توقيك منه أعظم من الوقوع فيه] ، والمطالبة بوقوع المريض في ما يتخوف منه وتعريضه لمصدر الخوف يعني نمطا من العلاج السلوكي الذي تتجه المدرسة السلوكية الحديثة إليه ويستوي في ذلك أن تكون الحالة طابع بيئي أو وراثي، يرافق هذه الحقائق قول الإمام [إن لم تكن حليما فتحلم] في إشارة إلى أثر التعلم بمقابل الوراثة والبيئة ،وقد يضاف إلى العلاج النفسي إستخدام الطريق الديني المتمثل بالأدعية الكثيرة لدى الإمام أو غيره أو قراءة القرآن الذي فيه شفاء للنفوس أو من خلال ذكر الله سبحانه وتعالى [ألا بذكر الله تطمان القلوب ] أو الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وىله وسلم ،فالإمام علي عليه السلام يقول [إن ذكرالله والصلاة على نبيه شفاء من الوعك والأسقام ووسواس الريب]..ومن المعالجات العامة للسلوك والشخصية
ومن المعالجات العامة للسلوك والشخصية إعطاء الإمام وصفاً للشر بأنه مركب الحرص ويصفه بالكامن في داخل الإنسان ، والشرير لا يظن بأحد خيراً لأنه لا يراه إلا بطبع نفسه ، وقد بين الإمام أيضا أن الخلال المنتجة للشر هي الكذب والبخل والجور والجهل ، وكل هذا يعالجه الإمام بالمنهج الإرشادي المجتنب للشر والمستند إلى لفظة (إياك)أحيانا مع أن العلاج التطبيقي عنده قد إستند إلى تحليل عام للشخصية الإنسانية ويكون فيه المرض أو الحالة غير السوية مشتركة في المرض فقال :[إحصد الشر من صدر غيرك ...بقلعه من صدرك]....ومن الأمراض التي عالجها الإمام أيضا القلق الذي يصفه بالهم والذي من آثاره أنه يذيب الجسم ويهدمه وأعتبره سبب رئيسي من أمراض الشيخوخة ويعالج القلق بالمحبة بقوله [أطلق عن الناس عقدة كل حقد]( [2]) ،وكل هذا نوع من التفريغ النفسي والقلبي للحد من القلق والألم الآتي من الحقد والخوف مما يشكل هَماًوقلقاً .
الإمام علي طرقه لأستجلاب الطمأنينة
ويعطي الإمام صورة مهمة لأستجلاب الطمأنينة النفسية بقوله [إشعر قلبك الرحمة لجميع الناس والإحسان إليهم]، وفي موضع آخر يصف الامام الراحة بأنها تكمن في الزهد وقد وصف ذلك بالراحة العظمى ومن المهم ذكر معالجة الإمام للغضب ،فقد عرفه سلوكيا بأنه يثير كوامن الحقد وأن أوله جنون وآخره ندم ،ويصف الغاضب الذي لا يقدر على مضرة عدوه بأنه يطيل حزنه ويعذب نفسه ، ويعالج هذا السلوك المنحرف إرشاديا بالأمر بترك الغضب وإستخدام الحلم ،ويهدد الإمام بالواعز الديني موضحا أن نتائج الغضب وخيمة لهذا يجب تحكيم العقل ، وفي كل نشاطات الإنسان السلوكية يدعو الإمام إلى المحاسبة كنوع من تعديل الأنحرافات النفسية والعقلية فهو يقول [على العاقل أن يحصي على نفسه مساوئها في الدين و الرأي و الأخلاق و الأدب فيجمع ذلك في صـدره أو في كتاب و يعمل على إزالتها]..الإمام علي وتعاليمه الصحة النفسية
ان الإمام علي يستخدم في مجال الصحة النفسية علاجات عديدة منها القول بتقسيم العمل وإستخدام اللذات المقبولة على مستوى الدين ، فللمـؤمن عنده ثلاث ساعات ، ساعة يناجي بها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلي بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل . ومن الصحة النفسية أيضا إتقان العمل وعكس ذلك سوف يكون هناك نوع من الهم لذا يقول الإمام عليه السلام :[من قصر بالعمل إتلي بالهم ]( [3]) كما أنه(عليه السلام )يدعوا إلى الأهتمام بالطبيعة وراحة النفس ، فالطيب عنده نشرة والعسل نشرة والركوب نشرة والنظر إلى الخضرة نشرة والنشر هو [ما يوجب إنبساط الأعصاب بعد أصابتها بعلة] ، كذلك يدعو الإمام إلى السرور وهو ما يبسط النفس ويثير النشاط، أما الغم فيقبض النفس ويطوي الأنبساط، ودعى إلى عدم إشتغال القلب بالهم على ما فات لأن ذلك سيشغل الإنسان عما هو آت ويبين الإمام أن البوح بالسر إلى شخصية عاقلة وحكيمة ومشاورتها هو نوع من الترويح النفسي والعقلي فهو يقول [من شاور الرجال شاركها عقولها ،ومن أستبد برأيه هلك]( [4]).. ودعى إلى الأبتعاد عن الخوف والحزن لأنهما ينقصان من عمل الإنسان ويؤذيانه وقد عالج الحزن بالدعوة لسماع كلام العلماء ولقاء الأصدقاء ومرور الأيام بقلة البلاء وراحة النفس والإنس عنده في الزوجة الموافقة [المناسبة] والولد البار والأخ الموافق والصديق الوفي ، وهي مسائل تدعو الى سكينة النفس وإطمئنانها وبالتالي العيش بشكل طبيعي وبحياة تخلو من التوتر أو المشاكل والعقد النفسية .........................................................................................
*بقليل من التصرف ..من كتاب (العقد النفسية وأثرها على سوء الخلق )
تعليقات
إرسال تعليق